الخميس، 8 يناير 2009

مواقف.. ليست للمزايدة

محمود سلطان (المصريون) : بتاريخ 7 - 1 - 2009
"لا يزايد أحد على مواقف مصر من القضية الفلسطينة".. باتت هذه العبارة هي "الحجة" الوحيدة "الخايبة" التي يشهرها الإعلام الرسمي المصري، أمام تنامي الغضب الشعبي العربي، من عجز مصر الرسمية عن حماية فلسطيني غزة من الوحشية الإسرائيلية.ولا أدري أي مصر يقصدون ؟! مصر التي في القصور والشاليهات والمنتجعات، أم مصر التي تتظاهر يوميا في الشوارع غضبا لغزة؟!وأي مواقف يقصدون؟! .. مواقف القيادة السياسية في قصور الرئاسة.. أم مواقف الشعب الغاضب منها والحانق عليها بسبب هذه "المواقف" من حرب الإبادة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على بعد خطوات من عاصمتها السياسية "شرم الشيخ"؟!.أية مواقف لا يريدون المزايدة عليها؟! : زيارة ليفني عشية حرق غزة، أم كلام أبو الغيط المخزي والمشين ؟! .أية مواقف يدافعون عنها؟! دلوني عليها إن وجدت.. وبأي أمارة! .. فنزويلا طردت السفير الإسرائيلي، ورئيس الوزراء التركي طيب أردوغان طاف كعب داير على العواصم العربية لحثها على أن تفعل شيئا من أجل غزة، وعاد الرجل مخذولا إذ لم يجد إلا الصد والبرود وموات الضمير وبلادة المشاعر، ولم يجد أردوغان إلا تذكير الكيان الصهيوني بالإمبراطورية العثمانية وفضلها على اليهود حين حمتهم من الذبح ومن الإبادة، وكأنه يطالبه برد "الجميل" العثماني بعد أن فقد الأمل في "عرب" تآمروا من قبل عليها، وتحالفوا من الإنجليز لإسقاطها.لم تتخذ مصر "التي في القصور" أية مواقف خشنة، إزاء العدوان الإسرائيلي، لم تقدم إلا بيانات إدانة حماس وتحميلها المسئولية، وحشد إعلامها الرسمي للنيل من الحركة والإساءة إليها وتشويه سمعتها، بشكل مسف ورخيص وغير مسئول، لا يمكن إلا أن يصدر من صحف بير سلم وليس من صحف دولة مسئولة!مواقف مصر التي يطالبون الرأي العام العربي بعدم المزايدة عليها، حاجة تكسف، إذ بأي وجه وبأي دم وبأي أخلاق أو ضمير أو دين، ينبغي الدفاع عن غلق المعابر وتشديد الحصار، وغلق كل الأبواب في وجه كل هارب بحياته وأطفاله ونساءه من الموت؟!في يد النظام المصري أوراق كثيرة للضغط على إسرائيل ليس من بينها إعلان الحرب أوالتهديد بها، ولا تسليح الفلسطينين.. فنزويلا غير العربية وغير المسلمة والتي لا تشاطرها حدود مع فلسطين، طردت السفير الإسرائيلي، وأسمعت الأخيرة ما تكرهه، فلم لا تحذو القاهرة حذوها، حتى وإن كان في حده الأدنى مثل التهديد باتخاذ عقوبات ديبلوماسية ضد الكيان الصهيوني؟! .يوم أمس الأول قدم القضاء الإداري المصري ، فرصة كبيرة للقيادة السياسية المصرية للخروج من ورطتها، حين قضى بتأييد الحكم بوقف تصدير الغاز للكيان الصهيوني.. فلم لا تستخدم هذه الورقة للضغط على المجرمين الصهاينة؟!أنني لا أجد أي مبرر مقبول أو واقعي أو إنساني أو أخلاقي أو ديني يقدم لنا تفسيرا لهذا العجز الغريب والمثير للدهشة الاستغراب.. إن "مواقف" مصر الرسمية مما يجري في غزة، التي يطالبون بـ"عدم المزايدة عليها"، ليست فقط مواقف "تكسف" وإنما ـ وبكل صراحة ـ مواقف "تقرف" إذا جاز التعبير.

ليست هناك تعليقات: