الجمعة، 20 يونيو 2008

عن العروبة والإسلام

نقلا عن مدونة شوية أفكار
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم سيد المجاهدين محمد صلى الله عليه و سلم إلى يوم الدين
بإذن الله اليوم سنتحدث عن موضوع هو برأيي من أهم المواضيع التي يجب مناقشتها و هذا ببساطة لأنه يتعلق بمنهجيتنا في التفكير و كيف ننظر للأمور...اليوم بأذن الله سنتعرض لعلاقة العروبة بالإسلام و هل هناك تناقض بينهما أم أن كلاهما شيئا واحدا....
في البداية نسأل سؤالا بسيطا ما هو تعريف الأمة؟
الأمة هي جماعة من الناس تعيش على أرض مشتركة ولهم مشكلات وتاريخ مشترك وعاشت الاستقرار على هذه الأرض فترات تاريخية طويلة ساعد على عملية الدمج الثقافي والحضاري و تختلف عن باقي الأمم بعناصر مميزة....قد تكون لغة أو دين أو جنس. إذا طبقنا هذا المفهوم وهو مفهوم علم الاجتماع لوجدنا أن هذا ينطبق كليا على المنطقة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي إذن فهناك فعلا ما يسمى بالأمة العربية....ولكن بهذا التعريف السابق نجد أيضا أن هناك الأمة الإسلامية باستخدام العنصر المميز المتمثل هنا في الدين الإسلامي الحنيف..السؤال الآن ما هي العلاقة بين الأمتين ؟ العلاقة علاقة الكل بجزئه وهذا بمنتهى البساطة فالأمة العربية لم تتكون إلا بعد دخول الإسلام أرضها وتعرب أهلها ومنحها الاستقرار وأزاح ما كان يعطل انصهار أهلها من حواجز فتكونت الأمة العربية إذن هي بالضرورة جزء من الأمة الإسلامية كما أن هناك أجزاء أخرى من الأمة الإسلامية كالأمة الفارسية والأمة التركية - رجاء طبق التعريف السابق للأمة على هذه النماذج لتدرك لماذا هي أمة مختلفة عن الأمة العربية- السؤال الآن لماذا يتكلم المصريين اللغة العربية ولم نستمر نتكلم بالغة الفرعونية كإيران مثلا لازالت تتكلم بالفارسية الآن ؟ الإجابة لأن مصر لم تكن أمة فقد فقدت عبر العصور عنصر هام جدا من عناصر تكوين الأمة وهو الاستقرار الذي يساعد على التاريخ المشترك فسنجد أن معظم الأوقات كانت مصر الفرعونية تعاني من الاحتلال الروماني أو الفارسي أو الهكسوس وهذا بعكس الأمة الفارسية التي استطاعت أن تعيش الاستقرار.
لماذا هذه المقدمة ؟
كانت هذه المقدمة ضرورية لنعرف علاقتنا الآن بالأمة الإسلامية وعلاقتنا بالآخرين وما هو منهجنا للوصول لدولة الخلافة الموحدة....والآن سيطرح سؤالا هاما هل نحن عندما نقول نحن عرب وأن هناك فرس و ترك هل نحن نعلن عن عصبية أو فرقة للأمة ؟ هناك ما يعرف باسم سنة التدافع أي دفع الناس بعضها بعضا كي يحصل التطور فمثلا يقول سبحانه و تعالى " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أنقاكم" فصبغة الله في خلقه هي أن نكون ذكرا وأنثى وأن نكون شعوبا وقبائل فيدفع بعضنا بعض للتطور والتدافع في التقوى من هنا يجب أن ندرك أننا حينما نقول أننا ننتمي للأمة العربية يجب أن ندرك جيدا أن هذه هي إرادة الله سبحانه و تعالى
ويجب أن نلاحظ ملاحظة هامة وهي أن الأمة العربية هي الأمة الوحيدة التي تشكلت بالإسلام وبالتالي فهناك علاقة خاصة تربطها بالإسلام دون غيرها من الأمم فكان عليها دائما واجب الدعوة و الفتح وأن تخوض دائما المبادرة فتتبعها باقي الأمم المكونة للأمة الإسلامية. ملاحظة أخرى وهي انه يجب التفريق بين مرحلتين المرحلة الأولى هي ما قبل عودة الدولة الإسلامية الواحدة والمرحلة الثانية هي بعد عودتها بأذن الله تعالى....ففي المرحلة الأولى يجب أن يعلم كل جزء من أجزاء الأمة مسؤولياته جيدا كي يصير قويا موحدا غير مفتت جاهزا للوحدة مع غيره وبالتالي يجب أن تتم الوحدة العربية على سبيل الوحدة الإسلامية...أما في المرحلة الثانية فنحن جميعا سواء وننتمي لدولة وأمة واحدة هي الأمة الإسلامية و كفى.الخطر:إذن فوحدة الأمة العربية هي أولى خطوات الوحدة الإسلامية...من هنا أدرك الغرب عموما الخطر وصار يفكر كيف يمنع الإمبراطورية الإسلامية من العودة مرة أخرى...فكانت الإجابة المنطقية هي فصل الكل عن أكبر أجزائه واصطناع العداء بينهما فما المانع أن نفصل الأمة العربية و المنادون بوحدتها عن أصولهم الإسلامية وأيضا التأكيد على أن المنادي بالعروبة والوحدة هو شخص عصبي ضد الإسلام و ليس هذا فقط يجب تفتيت الأمة العربية - الوثيقة الصهيونية واتفاقية سايكس بيكو- حتى تتفتت باقي الأجزاء ولا يتحد الكل أبدا...وفي رأيي الشخصي هنا كانت الكارثة بالفعل فلقد أمضت المنطقة العربية فترة سيئة جدا من عمرها في اشتباك بين مفكريها الإسلاميين و القوميين- المنادون بوحدة القومية العربية- فالأول يتهم الثاني بالكفر والعصبية والآخر يتهم الأول بالتخريب وفرض الآراء وللأسف ساعد في هذا أن معظم من انتهجوا الفكر القومي كانوا من الماركسيين أو اليسار عموما مما أكد هذا الفكر...ولعل من أشهر الأسباب التي أدت إلى فشل الدعوات القومية في المنطقة العربية هي أنها سارت في الاتجاه الذي أراده الغرب وهو المناداة بالوحدة فقط كنقيض للتجزئة بعيدا عن روح الأمة وهو الإسلام...للتوضيح أكثر هناك نوعان من القومية: القومية الإقليمية والقومية الوحدوية وكلاهما نادى بوحدة الأمة العربية لكن القومية الإقليمية نادت بوحدة ( الدول ) العربية أي أنها اعترفت بالتجزئة التي فرضها الغرب استعماريا و بالتالي كان يجب أن تفشل هذه الوحدة لأنها سارت على النهج الغربي الذي فرضه و كان يهدف به إلى فصل العروبة عن الإسلام و هذا كان الخطأ الذي وقع فيه جمال عبد الناصر في مصر والقذافي في ليبيا وهذا هو فعلا من أهم الأسباب التي أدت لفشل تجربة الوحدة مع سوريا وهو أننا ظللنا نؤكد أن مصر وسوريا دولتين متحدتين...أما القومية الوحدوية فهي التي لم تحدث حتى الآن وهي التي ترفض كل ما فرضه الغرب و تسعى لمحوه من الوعي الشعبي و أن تركز على أننا كلنا وطن واحد له عقيدة وروح إسلامية واحدة قسمنا العدو إلى دول وبالتالي يجب أن نرفض هذه الإقليمية تماما وتتحرك الشعوب العربية للوحدة من منطلق أننا شعب واحد...
الخلاصة:
أن الدولة الإسلامية لن تتم إلا بوحدة أجزائها الرئيسية مما يستدعي قيام الوحدة العربية على نهج إسلامي ممهد للوحدة الإسلامية وأن معرفة أجزاء الأمة ليس عصبية ولكنها فهم للمسؤوليات التي تقع على كل جزء...وبالتالي نجد أن العلاقة بين العروبة والإسلام علاقة عضوية مترابطة لا يمكن فضها أو فصلها بأي صورة كانت وأن فصلهم عن بعض هو أسمى أمنيات أعداء الإسلام. وأن وحدة الأمة الإسلامية تتطلب وجود وعي يدرك مفهوم القومية الوحدوية ويرفض الاعتراف بالتجزئة من الأساس ويحقق الوحدة العربية على أساس الوحدة الإسلامية