
د. محمد مورو
إصلاح شامل من منظور إسلامي
د. محمد مورو
د. محمد مورو
أيها المارون بين الكلمات العابرة
محمود درويش
أيها المارون بين الكلمات العابرة
احملوا أسماءكم وانصرفوا
واسحبوا ساعاتكم من وقتنا ،و انصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا
انكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف - ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى- ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا
وعلينا ، نحن ، أن نحرس ورد الشهداء
و علينا ، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
خلنا في أرضنا ما نعمل
و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى أجسادنا
و لنا ما ليس يرضيكم هنا
حجر.. أو خجل
فخذوا الماضي ، إذا شئتم إلى سوق التحف
و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد ، إن شئتم
على صحن خزف
لناما ليس يرضيكم ،لنا المستقبل ولنا في أرضنا ما نعمل
أيها المارون بين الكلمات العابرة
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة ، وانصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت إلى شرعية العجل المقدس
أو إلى توقيت موسيقى مسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا
ولنا ما ليس فيكم : وطن ينزف و شعبا ينزف
وطنا يصلح للنسيان أو للذاكرة
أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا
فنا في أرضنا ما نعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الأول
ولنا الحاضر ، والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا .. والآخرة ْ
فاخرجوا من أرضنا
من برنا .. من بحرنا
من قمحنا .. من ملحنا .. من جرحنا
من كل شيء ، واخرجوا من ذكريات الذاكرة ْ
أيها المارون بين الكلمات العابرة ْ!
الأستاذ فهمي هويدي - صحيفة الرؤية الكويتيه
تلقيت عدة رسائل تعليقا على ما كتبته بخصوص صدمة غياب الجامعات ومراكز البحوث المصرية عن قائمة أفضل خمسمائة جامعة في العالم.
وهو ما طرحت فيه سؤالين تمنيت أن نجيب عنهما، أحدهما عن أسباب هذا الفشل الذريع، والثاني عن كيفية إنقاذ الموقف وانتشال مؤسساتنا الأكاديمية من وهدتها، تخيرت مما تلقيته رسالة د.صلاح عز الأستاذ بهندسة القاهرة، بعدما وجدتها الأكثر شمولا وصراحة في الإجابة عن السؤالين، في رسالته قال د.صلاح عز ما يلي:
في الإجابة عن السؤال الخاص بأسباب الفشل الأكاديمي، هناك عدة عوامل على رأسها:
مناخ مسموم تنشره السلطة في المحيط الجامعي، وإدارة جامعية ارتضت تسييس الجامعة بتبعيتها الكاملة للسلطة، وأستاذ جامعي مستسلم لما تمليه الإدارة دون أي مقاومة، وأخيرا طالب جامعي هو ضحية ما سبق من أسباب.
باختصار، فإن تسميم السلطة للمناخ الجامعي والذي يؤدي إلى تفشي الإحباط واليأس بين الطلبة والأساتذة، هو نتيجة لاحتكار الحزب الحاكم للسياسة داخل الجامعة عن طريق:
رفض انتخاب القيادات الجامعية وتعيين السلطة لها بناء على تقارير وموافقة مباحث أمن الدولة، عدم تعيين الطلبة المتفوقين كمعيدين إلا بموافقة مباحث أمن الدولة، انتشار ضباط أمن الدولة وبلطجية الداخلية داخل الحرم الجامعي، تزوير جميع انتخابات الاتحادات الطلابية في جميع الجامعات بلا استثناء وتعيين الطلبة المرضي عنهم أمنيا، انتشار مصفحات الأمن المركزي والبنادق الرشاشة حول الحرم الجامعي وكأنه وكر للجريمة والإرهاب.
أضف إلى ما سبق: إجبار الجامعة على استيعاب أعداد هائلة من الطلبة هي غير مؤهلة لاستيعابهم، وعدم تخصيص تمويل يكفي للتعامل بكفاءة مع هذه الأعداد (تجهيز معامل ومكتبات وتوفير أحدث الأجهزة والدوريات العلمية ووسائل العرض).
أما البحث العلمي، ففي بلاد العالم المتقدم شرقا وغربا، هناك خطة استراتيجية يضعها النظام الحاكم تُجرى على أساسها الأبحاث العلمية في الجامعات ومراكز الأبحاث. وهناك معامل مجهزة بأحدث الأجهزة لتمكين الباحث من إجراء أبحاث جادة قابلة للنشر في الدوريات العلمية الكبيرة. وهناك صناعات متقدمة (التي هي هدف الخطة الاستراتيجية) تتلقف نتائج هذه الأبحاث لتطبيقها صناعيا.
أما في مصر فعندنا أبحاث هزلية لا هدف لها سوى الحصول على الترقية، ولا توجد رؤية أو خطة استراتيجية، ولا أجهزة ومعامل ولا صناعة متقدمة من أي نوع تساعد على توفير التمويل اللازم لإجراء الأبحاث. ولك أن تتخيل ماذا يمكن أن ينجزه أحمد زويل إذا ما قرر العودة والاستقرار في مصر.
أما بالنسبة للتدهور الأكاديمي والإنساني الذي أصاب الأستاذ الجامعي، فتكفي الإشارة إلى أن من يقبلون أن يكون تعيينهم بقرار من المباحث العامة، هم أساتذة جامعيون، وأن نسبة كبيرة من مسؤولي السلطة في مصر هم أساتذة جامعيون، وأن من يكتفون بالشكوى والتذمر ثم يرفضون المشاركة في أي فعالية «كالتظاهر والإضراب» للمطالبة بحقوقهم، هم أساتذة جامعيون، وأن من يرتضون لأنفسهم الهوان ويخضعون لتسييس الجامعة وتنفيذ كل ما تمليه عليهم الإدارة المعينة دون أدنى مقاومة أو احتجاج، هم أساتذة جامعيون.
أما الطلبة فهم ليسوا فقط ضحايا لسلطة باطشة وإدارة تابعة وهيئة تدريس سلبية، بل هم قبل ذلك ضحايا لنظام تعليمي عقيم قائم على الحفظ والتلقين من خلال مناهج متخلفة ودروس خصوصية ومراكز تعليمية. بتعبير آخر، إذا توافرت الإرادة لإصلاح التعليم الجامعي فالخطوة الأولى لابد أن تكون من الحضانة. نحن في حاجة إلى سنوات طويلة في ظل توافر الإرادة المستقلة لكي تنشأ أجيال أخرى من الطلبة والأساتذة لديها ما يؤهلها للنهوض بالتعليم الجامعي.
هنا أصل إلى سؤال المسؤول عن الفشل الأكاديمي. وإجابتي من دون تردد هي النظام الحالي الذي يتسلط على حكم مصر بالتزوير منذ ثلاثة عقود، والذي لم يترك قطاعا مهنيا إلا وأُعمل فيه التخريب. منذ عشرة آلاف يوم كانت مصر في نفس مستوى النمور الآسيوية. ولكن في الوقت الذي كانوا هم فيه يتقدمون إلى الأعلى يوما بعد يوم، كنا نحن نتراجع يوما بعد يوم حتى وصلنا إلى درجة عشرة آلاف تحت الصفر في قاع لا تبدو له نهاية.
إن أخطر إنجازات هذه السلطة التي نجحت في تحقيقها، هي تكفير الشباب ببلده. فقد قتل نظام الحكم الانتماء لمصر في صدور الطلبة، فلا ترى شابا إلا ويتمنى الخروج من مصر وعدم العودة إليها بعد أن نال اليأس منه وهو لا يرى منذ مولده إلا وضعا واحدا كئيبا مفروضا عليه ولا أمل في تغييره.
ختاما، فإنه يستحيل إجراء أي إصلاحات في قطاع التعليم إلا بتوافر الشروط اللازمة لذلك، وعلى رأسها إرادة سياسية مستقلة، ثم قضاء مستقل، وصندوق انتخابي نظيف.
إذا تحققت هذه الشروط نكون قد قفزنا قفزة واحدة إلى درجة الصفر من عشرة آلاف درجة تحته. عندئذ يمكننا الحديث عن التقدم إلى الأعلى وإجراء إصلاحات جدية.
لقد صعّب د.صلاح عز المسألة كثيرا، لأنه وضع حلولا تعجيزية لحل المشكلة!