الأربعاء، 26 نوفمبر 2008

القضاء الإداري يحكم بإلغاء حرس الجامعة

أصدرت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة أمس، حكمًا "تاريخيًا" يقضي بإجلاء قوات الشرطة من داخل حرم الجامعات المصرية، وعدم السماح بدخولها سواء بالزى الرسمي أو المدني، استنادا إلى القانون الذي يحظر تواجدهم بها.وجاء الحكم في الدعوى التي رفعتها جماعة 9 مارس من أجل استقلال الجامعات المصرية في أوائل هذا العام، حيث قضت المحكمة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إجلاء الشرطة من الجامعات.وقررت أيضا وقف القرار السلبي بامتناع الجهة الإدارية عن إنشاء وحدة للأمن الجامعي بجامعة القاهرة، بدلا من إدارة حرس الجامعة التابع لوزارة الداخلية، وما يترتب على ذلك من آثار؛ أهمها منع وجود حرس الجامعة داخل الحرم الجامعي، وعدم ممارسته أية أنشطة تمس استقلال الجامعة. وأشاد الدكتور عبد الجليل مصطفى، المنسق العام لحركة "كفاية" بالحكم الذي وصفه بـ "العظيم لأنه لا يسمح لرجال الشرطة التابعين لوزارة الداخلية، بدخول الجامعة، سواء بالزى الرسمي أو المدني لانتهاك هذا السلوك، وجاء تطبيقًا للحقوق الدستورية المقررة بموجب المادة 18، التي توجب على الدولة كفالة حق المواطن في التعليم، وأيضاً المادة 47 والتي تكفل للمواطن حرية الرأي والحق في التعبير عنه، بالنشر أو القول أو الكتابة أو التصوير، والمادة 49 التي توجب على الدولة توفير وحماية حرية البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني والثقافي، والمادة 54 التي تكفل للمواطن حق الاجتماع في هدوء، والمادة 62 التي تكفل صقر المشاركة في الانتخابات وإبداء الرأي".وكان مصطفى والدكتورة أمينة الصناوي والدكتور نبيل عبد البديع والدكتور مجدي قرقر والدكتور معتز خاطر والدكتور مدحت عاصم، قد رفعوا دعوى أمام القضاء للطعن في قرار وزارة الداخلية بإنشاء الحرس الجامعي داخل الجامعات المصرية، وانتهت المحكمة إلى إصدار حكمها السابق.وقال الدكتور صلاح صادق "إن ما ينطبق على جامعة القاهرة ينطبق على كل الجامعات المصرية الأخرى.وجاء في حيثيات الحكم، "إن الجامعات تعتبر معقلا للفكر الإنساني في أرفع مستوياته ومصدر الاستثمار وتنمية أهم ثروات المجتمع وأغلاها وهى الثروة البشرية وبذلك تساهم في رقى الفكر وتقدم العلم وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة، وطرق البحث المتقدمة، والقيم الرفيعة ليساهم في بناء وتدعيم المجتمع، ووضع مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية، كما تهتم الجامعات كذلك ببعث الحضارة العربية والتراث التاريخي للشعب المصري وتقاليده الأصيلة ومراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والخلقية والأجنبية، ولذلك حرص الدستور على استقلال الجامعات فنص في المادة 18 على "أن التعليم حق تكفله الدولة وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمي، وذلك كله بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج". وأضافت أنه "وتأكيدا على استقلال الجامعات المقرر بنص صريح في الدستور نصت المادة 317 من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات على أن تنشأ بكل جامعة وحدة للأمن الجامعي، تتحدد مهامها في حماية منشآت الجامعة وأمنها، وتتبع رئيس الجامعة مباشرة، وتتلقى منه أو من ينيبه التعليمات اللازمة لأداء هذه المهام".و"يكون لأفراد القوة زى خاص يحمل شعار الجامعة، ويصدر بتنظيم هذه الوحدات وطريقة تشكيلها طبقا لقرار من رئيس المجلس الأعلى للجامعات، وذلك تعزيزا لمفهوم استقلال الجامعات المقرر بنص في الدستور، وهو أن تدير الجامعات شئونها، فلا يجوز فرض أية قيود على ممارسة الجامعة لشئونها تحت أي مسمى، لأن ذلك يؤدى إلى الانتقاص من استقلال الجامعة، المقرر بنص صريح في الدستور"، كما جاء في منطوق الحكم.واعتبرت المحكمة في حيثياتها، تكليف قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية بمهمة حفظ الأمن داخل الجامعات، بدلا من وحدة الأمن الجامعي، يعد مخالفا لأحكام الدستور، ولا يستند إلى القانون، وينال من استقلالها، وأوضحت أنه لا ريب في أن يتقدم المدعون بطلب إلى رئيس الجامعة لتعديل هذا الوضع الأمني، بما يتفق وأحكام الدستور واللائحة التنفيذية المشار إليها.وقوبل القرار بترحيب المنظمات الحقوقية، فقد وصفه مركز هشام مبارك للقانون ومؤسسة حرية الفكر والتعبير والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية ورابطة الهلالي للحريات بنقابة المحامين واللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية، بالحكم بالتاريخي الذي يعيد الاعتبار إلى الجامعة المصرية، باعتبارها محرابا للعلم والمعرفة والتنمية البشرية، ويؤكد على استقلالها.وأكدت أن القرار يوضح أن دواعي الأمن تنضبط من موظفين بالجامعة تابعين لإدارتها تحت مسمى وحدات الأمن الجامعي، وليس من خلال جهاز الشرطة الذي ينتشر في كل أرجاء الجامعات ضاربا استقلالها ومصادرا لحريات طلابها وموظفيها وعلمائها وحرياتها الأكاديمية تحت دعوى حفظ الأمن.وانتقدت المنظمات الخمس تغلغل الشرطة داخل الجامعات المصرية عن طريق مكاتب الحرس الجامعي التابعة لوزارة الداخلية، التي قالت إنها تدار بمعرفة جهاز أمن الدولة، واتهمتها بفرض سيطرتها على مجمل الحياة الجامعية والتعامل مع الجامعة على طريقة السجون والمعتقلات، والتدخل في عمليات التعيين والترقي والسفر وعقد الندوات أو المؤتمرات، ما أدى إلى خنق الحياة الأكاديمية وإهدار حرية البحث العلمي وحرية الرأي والتعبير.وناشدت المنظمات الحقوقية، رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف ووزير الداخلية اللواء حبيب العادل تنفيذ الحكم فورا واحترام سيادة القانون، لأنه حكم واجب النفاذ، ولا يوقف تنفيذه إلا بحكم آخر من المحكمة الإدارية العليا، وطالبت المجتمع الجامعي التمسك بتلابيب هذا الحكم والعمل على تنفيذه، وحشد وتعبئة الطلاب والموظفين والأساتذة من أجل ذلك الغرض.

نقلا عن صحيفة المصريون الالكترونية

ليست هناك تعليقات: