الجمعة، 15 أغسطس 2008

فقـرات عن الأمة


بقلم: الأستاذ محمد السخاوي
mohammadelskhawy@yahoo.com
(1)-من التعريفات التي تطلق على الأمة العربية انها أمة الإسلام, ليس بمعنى أنها الأمة الإسلامية و لكن بمعنى انها الأمة التي كونها الإسلام ,بمعنى أخر انها مولود إسلامي , فالإسلام هو الذي وفر لها التألف الداخلي ووفر لها أيضا السياج الأمني الذي حررها و حماها من سيطرة و هيمنة الفرس و الروم , هذا التألف و الاستقرار أعطيا القبائل و العشائر و الشعوب التي كانت موجودة قبل الإسلام و الفتوحات الإسلامية فيما يسمى المنطقة العربية الان الفرصة من ان تنتقل من مرحلة الصراع إلى مرحلة الأنصهار و التوحد في إطار البوتقة الإسلامية و رفع لواء الجهاد الإسلامي, هذا ما يميز الأمة العربية عن غيرها من الأمم الإسلامية , حيث أن الإسلام بالنسبة لهذه الأمم مجرد إضافة لتكوينها القومي السابق عليه ,الا أنه بالنسبة للأمة العربية داخل في جينات عناصر تكونها , فهي –أي الأمة العربية- صناعة إسلامية صرفة إنها امة الدعوة و الجهاد.
(2)- يترتب على ذلك أن الأمة العربية – الشعب العربي –تعتز بأنتمائها للإسلام عقيدة و أخلاقا و أدابا و سلوكا ,سواء بالنسبة لتعاملها مع نفسها أو بالنسبة لتعاملها مع الغير, فهي أمة التوحيد و العدل و المساواة و عدم الإستعلاء و عدم العنصرية,هي أمة ترفض العدوان على عقيدة و الاستهزاء بها , و ترفض الهيمنة و السيطرة و الأستعلاء من قبل أمم أو شعوب أخرى , الأمة العربية تعتز بنفسها و تستمد هذه العزة من عزة عقيدتها, وهي لا تسمح لنفسها إنطلاقا من مكوناتها أن تمارس العدوان و القهر و الإستعلاء على الأمم و الشعوب الأخرى , لأنها ببساطة غير مؤهلة لهذه الممارسة .
(3)-للأسف فإن هذه الأمة العربية غير المؤهلة للعدوان على الأخرين تعاني من عدة أشكال من العدوان عليها , العدوان الأول هو التجزأة حيث عملت قوى الأستعمار و الصهيونية العالمية التي بدأت في أحتلال الأراضي العربية أعتبارا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر على تقسيم الأمة العربية و تجزئتها و حولت التجزئة إلى دول منذ أوائل القرن العشرين و دشنت هذه التجزئة بأن جمعت الدول العربية في جامعة الدول العربية في جامعة الدول العربية , و الهدف من هذه التجزئة الاستعمارية الصهيونية هو أن تحول هذه التجزئة بين الأمة العربية و بين أن تتقدم للأمام , لأن الأمكانية الوحيدة لتقدم كل أمة هي في وحدتها , فوحدة كل أمة هي قاعدة تقدمها و تجزئتها هي قاعدة تخلفها , و لأن الدولة هي ألية الأمة في توظيف أمكانياتها البشرية و المادية و الروحية التوظيف المناسب لتحقيق تقدمها فإنه أصبح لكل أمة الحق في أن تكون لها دولتها القومية الواحدة على كل ترابها الوطني القومي , و لذلك فإن سلب الأمة دولتها القومية أو تقسيم و توزيع الأمة إلى عدد من الشعوب في أكثر من دولة على ذات ترابها القومي يعد عدوان على الأمة يتطلب المواجهة و الإزالة لأنه يسلب الأمة حقها في التقدم , و لذلك فإننا نعتبر التجزئة العربية عدوان يجب التخلص منه كشرط أساسي لنهضة الأمة و تقدمها و لأن التجزئة تحولت إلى دول طال بقائها و أصبح لها كراسها من النظم و الحكام و المئسسات و الطبقات المستفيدة و المتعيشة عليها فإنها تحولت بكل مؤسساتها إلى عدو للأمة تمارس عليها الاستبداد و الاستغلال و الاذلال, إن الممارسات العدوانية لدول التجزئة و قواها تتساوى إن لم تزد في الدرجة عن الممارسات الا ستعمارية المباشرة على الأمة العربية,إنها –التجزئة –الابن غير الشرعي للأستعمار و الصهيونية و بذلك يكونان دائما في حلف واحد هدفه وأد تطلع الأمة نحو الوحدة و النهوض.
(4)-هذا الحلف القائم للعدوان على الأمة المشكل من 1-الاستعمار (أمريكا) 2-الصهيونية العالمية 3-دول التجزئة العربية – هذا الحلف- اغتصب و احتل العديد من بلاد العرب , اغتصب فلسطين و احتل العراق و الجولان في سوريا و حاول احتلال لبنان, و يسعى الان إلى تفتيت دول التجزئة ذاتها , بأختصار يحاول تفتيت كل الدول العربية و دول العمق الإسلامي بباكستان و أفغانستان و إيران و تركيا, و كل هذا تحت حراسة و تعاون إستراتيجي من دول التجزئة العربية كما اعلنت نظم الحكم في هذه الدول , إن الارتباط البنيوي الاستراتيجي بين دول التجزئة و بين الاستعمار (أمريكا و الصهيونية )جعل هذه الدول تساهم في تفتيت ذاتها لمصلحة بقاء الكيان الصهيوني على الارض العربية في فلسطين , و لذلك فإن الخطأ الذي تمارسه التجزئة و نظمها على وجود الأمة و بقائها أقوى من الخطر الاستعماري الصهيوني ذاته.
(5)-و حتى لا يتهم كلامنا من قبل البعض بالافتراء نوضح بعض مما يحدث بأختصار , فعلى الرغم من الوضوح الجلي للهد الاستعماري الصهيوني الراهن متمثلا في التفتيت تجاوزا لتجزئة سايكس بيكو التي لم تعد تصلح للدفاع عن البقاء الصهيوني و المصالح الاستعمارية في القرن الواحد و العشرين , فإن الدول العربية لم تساعد فقط على حصار العراق و احتلالها و لكنها بالاضافة إلى ذلك تعمل على خنق المقاومة العراقية حفاظا على قوات الاحتلال و حكومته العميلة تحت مسمى محاربة الارهاب , و يجتمع لتحقيق ذلك بشكل شبه دوري وزراء داخلية و خارجية دول كايسمى بالجوار العراقي مضافا اليهم مصر, ولو امعنا النظر و ركزنا الفكر في الاصرار الاستعماري الصهيوني على إقامة علاقات دبلوماسية بين سوريا و لبنان لوجدنا ان الهدف هو ضرب الشعور بالوحدة الشعبية في البلدين و تمكين قوات اليونوفيل من فرض حصارها على لبنان و خنق المقاومة , و تحث الدول العربية و ظمها و تضغط على كل من سوريا و لبنان لتحقيق هذا المطلب, إنهم يلعبون نفس اللعبة التي مارسوها مع صدام حسين وهي الضغط و الترهيب و الترغيب للقبول بالمطالب الامريكية الصهيونية , بحجة الخوف على البلدين من هجوم سيحرق الحرث و النسل , يقولون ذلك حتى بعد إنتصار حزب الله , و في فلسطين يلعبون مع حماس نفس اللعبة , حصارها حصار التجويع و عزلها و إظاهرها بالفشل ليبدو العميل محمود عباس و كأنه منقذ للشعب الفلسطيني وهو في الحقيقة ينفذ المطالب الامريكية الصهيونية , و في السودان تقوم هذه الدول و على رأسها مصر بتطويع و أحتواء الموقف السوداني المقاوم لدخول قوات الأمم المتحدة (القوات الاستعمارية)لدارفور بحجة الخوف على السودان و المرونة و تفويت الفرصة على المتربصين بوحدة السودان , نفس الكلام الذي قيل من قبل لقادة العراق.
(6)-نحن نعيش الان حالة فرز جديدة على مستوى الامة و على المستويين الاقليمي و الدولي , كان الفرز منذ منتصف القرن الماضي يدور على مرحلين محور المعسكر الغربي بليبراليته و رأسماليته و محور المعسكر الشرقي بتوجهه الاشتراكي, كانت النخب السياسية على مستوى الامة و العالم تفرز بحسب انتمائها إلى رؤية أحد المحورين مع ادراكنا للدور الذي كانت تلعبه دول عدم الانحياز , أما الان بعد أنهيار المعسكر الاشتراكي فإن الفرز أصبح كما يوضح بوش يدور على محورين : محور الاسلام و محور الحرية و الديموقراطية, و تسمي أمريكا المقاومة الاسلامية في الوطن العربي و البلاد الاسلامية الاخرى بالارهاب و الفاشية و تسمى الاحتلال و الهيمنة و القهر حرية و ديموقراطية , وهي –أمريكا- تساعد و تدعم و تساند ما تسميه قوى الاعتدال في العالمين العربي و الاسلامي و المقصود بالاعتدال في المفهوم الامريكي هو البعد عن الاسلام و المقاومة, إن ما تقوله أمريكا مفهوم وفقا لمصالحها و اهدافها , و لكن الاخطر من كلامها هو موقف العديد من فصائل المعارضة في الامة العربية التي لا تعتنق الاسلام مرجعية سياسية , إن هذه الفصائل بموقفها هذا تضع نفسها في الموقف المعادي من المقاومة القومية الاسلامية و القريب من الرؤيا الامريكية الصهيونية .. إن هذه الحقيقة تفسر الكثير من سلوك فصائل و كوادر هذا النوع من المعارضة في صفوف الامة و علينا ان اعي ذلك و نعمل الحسابات اللازمة له.
(7)- أنظر إلى الأمة في منطقة القلب و العمق منها , تجدها في حالة ثورة متصاعدة ضد كل أعدائها , تجد الشباب العربي منخرط في صفوف المقاومة في العراق و في فلسطين و في لبنان و في السودان و في سوريا و الصومال , بل إن الشباب العربي تجاوز حدود أمته إلى عمقها الإسلامي فينظم المقاومة في أفغانستان و منطقة الحدود الغربية لباكستان (قبائل الباشتون ), بل إن الشباب العربي يضع بؤر للمقاومة في أفريقيا و في اسيا و في أمريكا اللاتينية لضرب مصالح العدو و أنهاكه , بل إنه تعدى كل ذلك إلى تنظيم بؤر المقاومة في بلاد الاعداء ذاتها فقط ينقص المقاومة وحدة القيادة ووحدة الاستراتيجية ووحدة التخطيط, علينا ان نقاتلهم كافة كما يقاتلوننا كافة علينا ان نجسد وحدة أمتنا في وحدتنا الثورية.

ليست هناك تعليقات: